بدأت أنطفئ تدريجيا..
ليس لهذا علاقة بأحد.. ولا وراءه أي سبب محدد.. ولكنني صرت أنطفئ يوما بعد يوم.. من علاقاتي بالآخرين، بالأصدقاء، بالواقع، بكل شيء.. إنني ممس ببرود يكتنفني.. في قلبي.. في روحي.. أصبحت كل اهتمامتي السابقة لم تعد تهمني.. كل مساعيي لم تعد تشغل بالي.. إنني صرت أترك أي شيء في هذه الحياة.. لم يعد يهمني رحيل أحد ولا بقاء أحد.. لم يعد الفقد يحزنني.. لم يعد هناك روايات تشوقني.. ولا موسيقى.. لا سجائر.. لا عزلة.. شيء في قلبي تساقط ولا أظنني سيعود كما كان.. قد أعطيت الكثير من الفرص لكل شيء.. ثم ها أنذا بعد تعبي.. من كل مفضلاتي.. كل أشيائي الجميلة والرئيسية.. أبتعد شيئا فشيئا.. أفلت يدها.. قد تشبت بي ما عاهدته أنا معلق به، لكنني أنا من يفلتها هذه المرة.. وصرت أرحل عنها.. صارت الشقة تزداد يوم بعد يوم..!لم يعد يسعدني في هذا العالم سوى أن أكون وحيدا.. وحيدا تماما بعيدا عن أنظار الناس، عن أنفاسهم التي مللت منها، بل وتعبت منها أيضا.. أنا لا أنتمي إلى هذا العالم.. لا هذا الزمان ولا هذا المكان.. لا شيء يعجبني في تفاهة هذا المجتمع بأشيائه التافهة أيضا.. لا شيء يروقني.. لا أعلم هل بنفسي خلل ما.. ولكني لا أنغمس مع هؤلاء في التفاهة التي أراهم يتمرغون فيها حتى الأذنين.. كثيرا ما أشعر أنني مريض نفسي، إلا أنني أكتشف العكس بعد الاحتكاك بالأشخاص، بالمجتمع، بالواقع،... أكتشف أنني شخص تعلو به همته درجات.. شخص لا ينتمي لهؤلاء السذاج.. لهؤلاء الأغبياء.. أحس بنفسي، بل أنا عظيم جدا.. إني مصاب بجنون العظمة، أو عظمة الجنون، ولا يضيرني ذلك.. ما دمت لا أنتمي للذين يسبحون في وحل من الأمور والأشياء التي لا تنتمي إلي ولا أنتمي إليها..!
مذ شببت أو مذ ولدت، لا أعلم متى.. وأنا أعيش في دوامة لا تنتهي.. أتساءل كثيرا في هذه الحياة.. أتساءل عن هذه الحياة.. كثير من الأسئلة التي تطارنا وأطاردها.. ولكن لا جواب لها بتاتا.. كثير من التأمل والتدبر لكن دون نتيجة.. كثير من البحث لكن لا اهتداء إلى حل مقنع.. أنا لا ألوم الكثير من المفكرين والفلاسفة الذين أصيبوا بالجنون أو ربما انتحروا أو ربنا اختفوا عن هذا الوجود.. البعض يستهين بقيمة السؤال !! لكن لا يعلمون أن السؤال أحيانا قد يكون مصير ! حين تجري خلف كثير من الأجوبة لأسئلة متعددة دون أن تهتدي لجواب معين، ستعيش تشتتا فكريا لا استقرار له، وحتما حين يكون السؤال من دون جواب أو جوابه مستحيل تماما..!
تغرهم مظاهرنا، تغرهم ابتسامتنا، يغرهم هدوءنا، يغرهم صمتنا، تغرهم الكثير من المظاهر الخداعة.. لكن لا يدرون ما نعانيه في صمت.. فنحن نخفي في دواخلنا ما لم تستطع الجبال حمله من ثقله.. لا يدرون مدى فداحة همومنا وشساعة معاناتنا وامتداد أحزاننا.. لا يدرون أن لا شيء في هذه الحياة يسعدنا.. لا يدرون أننا نعيش بدون أهداف ولا طموحات.. لا يعلمون أننا ميتون منذ زمان بعيد جدا.. لربما قبل أن نولد ونوجد على هذا الكوكب اللعين والبئيس..!
Comments
Post a Comment