رسالتي ما قبل الآنتحار
أعترف أني كنت حائرا لبعض الوقت أو أكثر منه خائفا ، كيف سأقتل نفسي ! كيف سأضع حدا لحياتي البئيسة هاته ! أوتستحق حقا حياتي فرصة أن اخيرها بين وضعيات الانتحار المتعددة ! فكرت اول الأمر بأن أسأل صديقا لي عن الطريقة الأمثل للانتحار لكني تراجعت فيما بعد عن فكرة سؤاله فلو كان هو حقا صديقا ما كنت لأبلغ مرحلة التفكير هاته بوضع حد لحياتي ، و أي صديق هذا الذي سينصحني بطريقة دون غيرها مادام هو لم يكلف نفسه عناء تجربتها ، تيقنت الأن اني وحيد هنا لا أحد سيهتم لأمري و لن يكترث أحد لشخص تافه مثلي يحاول شنق نفسه بحبل مهترئ بجذع شجرة ! ماذا !! من قال أني إخترت الإنتحار بالحبل فحتى الأن لم أقرر بعد أي طريق سأسلكها لألتقي عزرائيل ، نعم أعلم أن قتل النفس خطيئة لا داعي لتكرر ذلك على مسامعي يا صديقي بيد أن الخطيئة الأكبر ان تكون لوحدك حبة قمح وسط عالم الدواجن و الديكة هذا ، أبدا لن تفلح بهزمهم ، صدقني لا داعي للمحاولة فأنت فقط ستتعب نفسك قبل أن تسقط على الارض خائر القوى و تراهم يلتهمونك بعينك النصف المغمضة الأفضل أن تقتل نفسك و تترك جسدك جيفة ترغمهم على غلق أنوفهم الضخمة خوفا من أن تزكمهم رائحتك الكريهة ، هكذا كنت دائما رائحة بنظر الجميع ، مجرد رائحة ليصطادوني و ليصطادوك .. لست أول و اخر من انتحر هنا بالدوار أعرف الكثيرين ممن ينتحرون اليوم تلو اليوم ، ليلة أمس صادفت جارنا التاجر انتحر بكل هدوء و هو يشتم نفسه و من أوجدوه على أرض الدوار ..
يوم مشمس ، لعله يوم جميل لملاقاة عزرائيل فلن اكون مضطرا لارتداء معطفي الأزرق ذاك و قفازات اليد سأكتفي بأن ألبس جسدي هذا قميصا صيفيا من دولاب ملابسي، و ماذا عن ساعة اليد ! لست مضطرا لارتدائها سأدعها على الطاولة هدية لأخي الأصغر لعله يفكر بإرتدائها ليضرب موعدا مع فتاة ما أو يستعملها ليحدد ساعة وفاتي ، ماذا لو استعرتها و أخبرته ساعة وفاتي برسالتي هاته أنذاك لن يكون هو مضطرا للتخمين ! يوم انتحاري لن استيقظ باكرا لأجعل نفسي محط شكوك والدي فهو لم يعتد يوما أن يراني أستيقظ باكرا ، سأغادر فراشي متأخرا كعادتي و ألتهم ما ستجود به علي زوجة أبي على مائدة الآفطار ، سأشكرها على 'حنة يديها ' و ما فعلته منذ ان دلفت الدار قبل ثلاث سنوات ، قد أنفح يدها بكتيب أو رواية فلا مال لي أعطيها إياه ، قد ترفض قبول الكتيب مني فليست هي بقارئة سأخبرها أن تفعل به ما تشاء لعلها تحرق وريقاته لتشعل نار حطب لطهي الشاي لمن قدموا ليشيعوا جثماني بالبيت ..
اجهدت نفسي اليوم بالبحث عن حبل لأشنق به نفسي فهكذا قررت اخيرا وضع حد لحياتي ، اريد موتة سريعة لن ارمي نفسي ببركة ماء و أسبح جاهدا و أصارع بعدها خوفا من الغرق ، او أضرم النار بنفسي فتجيء زوجة والدي لتطفئ لهيبها بسطل ماء فكم تحب هي أن تجهد نفسها بالعمل و أشغال البيت قد تطفئ النار و تعود لإضرامها و إطفائها مجددا ان كانت قد كلت من روتين يومها الفارغ .. وجدت حبلا لعله سيجدي نفعا يكفي الأن أن أكمل وصيتي هاته و أخمن أين سأخبئها فأخي الأصغر لن يتردد بتمزيقها و رميها بدورة المياه ان كان أول من يجدها .. سأضعها هناك بين صحون 'طاوس' التي تستعلها زوجة أبي بالمناسبات و الاعياد فقط ، أنذاك سيجتمع شمل العائلة ليعلم حقيقة وفاتي ..
كم تمنيت لو تحفروا قبر قدام قبر أمي و تجعلوا رأسي بجنب أقدامها لعلي ما بعد الممات أعود لتقبيل الجنة التي حرمت منها بحياتي ..
Comments
Post a Comment